القولون العصبي عند الأطباء المسلمين القدامى
القولون العصبي عند الأطباء المسلمين القدامى
مرض القولون العصبي من الأمراض الباطنة التي اهتم بها الأطباء المسلمون وألف كثير منهم فيها كتباً أو مقالات خاصة وقد أسموه الأطباء المسلمين القدامى بالقولنج ومن المؤلفات التي ذكر فيها القولون العصبي:
- كتاب لابن الأشعث بعنوان (القولنج وأصنافه ومداواته والأدوية النافعة منه).
- مقالة لابن جميع تحت عنوان (علاج القولنج).
- ذكر الطبيب الشهير ابن سينا أعراض القولنج وعلاماته بتفصيل ويبدو أنه كان شائعاً وبالذات في زمنه.
- في كتاب الرسالة الذهبية المعروفة بطب الأمام الرضا عليه السلام وردت نصيحة غذائية موجهة لأمير المؤمنين والنص يقول: “… وينبغي أن تحذر أمير المؤمنين أن تجمع في جوفك البيض والسمك في حال واحدة، فإنهما إذا اجتمعا ولدا القولنج…”.
يقول الشيخ العلامة إبراهيم ابن عبد الرحمن بن أبي بكر الأزرق في كتابه “تسهيل المنافع في الطب والحكمة”: هو رياح يابسة منعقدة تمنع البخارات أن تجري في الجوف والأمعاء فيكب الإنسان عند هيجانها وتمنعه من التنسيم حتى تكاد روحه تخرج، ومنها حار وبارد، وعلامة الحار هيجان العلة عند ملاقاة الحرارات والسمائم والانتباه من النوم، وعلامة البارد هيجان العلة عند ملاقاة البرد والغيم والأمطار والرياح الباردة ونحو ذلك، ويجتنب صاحب الحارة أكل الأشياء الحارة وصاحب العلة الباردة أكل البوارد خصوصا وقت هيجان العلة فأنه صحيح مجرب.
ويعرف القولنج (القولون العصبي) في كتب الطب العربية بأنه مرض معوي مؤلم، يتعسر معه خروج ما يخرج بالطبع، السبب فيه في الأمعاء الغلاظ (القولون) فما يليها، ويعدون من أسبابه: الريح المعترضة، والالتواء، والديدان، وزحير المستقيم وورمه، وقد ينشأ أيضا بالمشاركة مع أمراض أخرى مثل أمراض الكبد والمثانة والطِّحال والكُلَى.. وهناك بعض الأطعمة تهيئ الأمعاء للقولنج، وخصوصاً الريحي، وهي: البقول والفواكه الرطبة والشراب الكثير المزاج.
وبهذا التعريف الواسع له يشمل نوعان أو تصنيفان قديمان منه وهما: القولنج البلغمي والقولنج الريحي ويشبهان لحد كبير ما نعرفه في الطب الحديث باسم تقلص القولون العصبي.. وهناك نوع ثالث منه هو القولنج الورمي ويشبه لحد كبير التهاب الزائدة الدودية، وقد وصف الأطباء المسلمون أعراضه وهي: وجع متمدد في موضع واحد، مع ثقل وضربان والتهاب وحمى شديدة وعطش شديد وحمرة في اللون واحتباس في البول.
ومن أهم علامات القولنج التي حرص الأطباء المسلمون على ذكرها هي: القراقر ويقصد به الانتفاخ، والبنادق ويقصد به الاحتباس، وأوجاع القولنج كما حددها ابن سينا عند تفريقه بين القولنج وحصاة الكلى كبيرة تبتدئ من أسفل ومن اليمين وتمتد إلى فوق وإلى اليسار، وإذا انبسط استقر يمنة ويسرة، والبعض يختلف في ذلك.. وآلام القولنج تبتدئ دفعة واحدة وفي زمان قصير، وتبدأ علاماته أولا ثم أوجاعه المتحركة.. وفي علاج القولنج يحذر ابن سينا من أخذ المسكنات فهو ليس علاجاً حقيقياً ويعتمد على أخذ الدواء وبخاصة الحقن ووضع الجسم في حالة من الانحناء.
عندما فرق ابن سينا بين أعراض القولنج وحصى الكلى كان دقيقاً جدا، ففي إحدى الحالات التي استخدمت العلاج الطبيعي للقولون العصبي لاحظ المريض أن أعراض القولون العصبي زادت بحدة خلال الأيام الأولى لاستخدام العلاج وكان يرغب في وقفه لكني نصحته بالمواصلة وأن يقوم بإجراء فحص الكلى للتأكد من إصابته بحصى الكلى وبالفعل اتضح أنه يعاني من حصوات الكلى، وبالتالي نصحته بإجراء بسيط بجانب استخدام علاج القولون العصبي وخلال ثلاث أسابيع كان قد تخلص من القولون العصبي نهائياً.